مجتمع

تازة بين فوضى الكلاب الضالة والمشردين والباعة الجائلين… مدينة تبحث عن هيبة مفقودة

هل عجز المجلس الجماعي لتازة والسلطات المحلية والإقليمية عن التصدي لثلاث ظواهر باتت تؤرق بال ساكنة المدينة؟ سؤال يطرحه اليوم الشارع التازي بإلحاح، في ظل تنامي مظاهر الفوضى والعشوائية التي تحوّل معها الفضاء العام إلى مشهد يومي من الخوف، الضجيج، والفوضى العارمة.

فمن الكلاب الضالة التي تجوب أحياء المدينة ليلاً ونهاراً، وتتحول إلى مصدر رعب حقيقي خصوصاً بعد تسجيل حوادث عضّ عديدة، إلى الباعة الجائلين الذين باتوا يحتلون الأرصفة والأزقة وحتى مداخل البيوت، في ساحة الطيران وحي القدس الأول وغيرهما من النقاط الساخنة، حيث تحولت هذه الفضاءات إلى أسواق مفتوحة تعج بالضجيج والفوضى، وسط شكايات متكررة من الساكنة، دون أن تلقى آذاناً صاغية من الجهات المعنية.

الأخطر من ذلك – وربما الأكثر مأساوية – هو انتشار المشردين والمختلين عقلياً الذين أصبحوا جزءاً من المشهد اليومي بمدينة تازة، رغم أن وجودهم أضحى يهدد حياة المواطنين. فقد حصد هؤلاء أرواحاً بريئة، كان آخرها الطفل “وسيم” ذو الاثني عشر ربيعاً، الذي قُتل في حادث مأساوي اهتزت له المدينة بأكملها. ورغم حجم الفاجعة، لا تزال السلطات تتعامل مع الملف ببرود غريب، في غياب تام لأي مأوى خاص أو تدخل طبي منتظم بمصلحة الطب النفسي، التي يشكو مواطنون من غياب الطبيب عنها بشكل متكرر.

ولعل آخر مظاهر الإهمال ما حدث بأحد أحياء المدينة حين عُثر على مختل عقلي مشنوقاً بشجرة بحي البحرة، بعدما كانت عناصر الأمن قد نقلته ليلاً إلى المستشفى إثر حالة هيجان، قبل أن يُترك لمصيره المأساوي. حادثة أخرى تُسائل المنظومة الصحية والاجتماعية برمتها، وتكشف هشاشة التعامل مع فئة باتت تهيم في شوارع تازة دون رعاية أو حماية.

وما يزيد الصورة قتامة، ظاهرة “الشماكرية” المنتشرين في محيط محطة “الستيام”، الذين يقدمون مشهداً منفّراً للزوار والعابرين نحو المدينة، إذ يُعرف عن بعضهم تعاطيهم للمخدرات وابتزاز المارة، بل ووصل الأمر إلى حدّ التحرش بالمواطنين واستجداء الأموال بشكل عدواني. صورة سوداوية تُسوّق لمدينة عريقة كانت يوماً عاصمة للمملكة المغربية، فإذا بها اليوم تُقدَّم كـ”مرستان مفتوح” و”سوق فوضوي” و”ملجأ للضياع”.

وفي ظل استمرار هذه الظواهر الثلاث: الكلاب الضالة، الباعة الجائلين، والمختلين العقليين، يبقى السؤال الذي يتردد على ألسنة ساكنة تازة:

إلى متى ستظل المدينة رهينة الإهمال، ومتى تتحرك السلطات لتعيد لتازة هيبتها وجمالها الذي عرفته عبر التاريخ؟

مدينة تُناجي من يملك القرار لتستعيد أمنها، نظامها، وصورتها الحضارية التي تليق بتاريخها العريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى