الرأي

حزب الأصالة والمعاصرة بتازة: صراع مواقع أم اختبار ديمقراطي داخلي؟

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، يبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة بإقليم تازة يعيش على صفيح ساخن، حيث تشهد كواليسه حالة من الحركية غير المسبوقة، وسط تسابق عدد من الوجوه البارزة للفوز بتزكية الحزب لقيادة لائحته الانتخابية في الإقليم. هذا التنافس، وإن كان يعكس دينامية داخلية، إلا أنه يكشف في الآن ذاته عن هشاشة التوافقات داخل الحزب وصعوبة الحسم في الاختيارات في ظل تضارب المصالح والطموحات.

من بين الأسماء التي تتردد بقوة داخل أروقة الحزب هناك رشيد الهيسوفي، رئيس جماعة بني افتح، الذي يعد من الوجوه القديمة في الحزب وله رصيد نضالي ممتد لأكثر من 15 سنة. يليه خالد حجاج، الذي يحظى بتعاطف جزء من القاعدة الحزبية التي ترى أنه لم يُنصف في محطات سابقة رغم عطائه المستمر. كما يبرز اسم عبد الله الهلالي، رئيس جماعة مطماطة، الذي يتمسك بحقه في التزكية بحكم تاريخه داخل الحزب، بالإضافة إلى الغازي اجطيو، الذي ارتفعت أسهمه مؤخرا بعد لقاء حزبي مهم بمنزله.

لكن المنافسة الحقيقية تبدو أكثر تعقيدًا مع استمرار عبد الواحد المسعودي، النائب البرلماني الحالي، في فرض نفسه كمرشح قوي مدعوم من شريحة واسعة من مناضلي الحزب. ورغم أن البعض يتحدث عن “تجديد الوجوه”، إلا أن المسعودي يبدو الأوفر حظًا للاستمرار بالنظر إلى حضوره السياسي وتشبث قواعد الحزب به كقائد قادر على ضمان موقع الحزب الريادي في الإقليم.

الجدل تعمّق بعد تداول اسم عمر الخياري إعلاميًا، مع الحديث عن استقدامه من العاصمة بدعم من قياديي المركز لخوض الانتخابات بالإقليم. خطوة أثارت حفيظة شبيبة الحزب التي عبرت عن رفضها القاطع لهذا التوجه، معتبرة أن تزكية الوجوه المحلية التي راكمت تجربة حزبية طويلة في الإقليم أولى من فرض أسماء وافدة.

ومما زاد المشهد تعقيدًا هو بروز اسم حكيم الرحالي، الذي ارتبط في الآونة الأخيرة بأكثر من حزب سياسي، ما يجعل ترشيحه محط تساؤل حول مصداقية الانتماء الحزبي وثبات الالتزام السياسي.

ما يعيشه حزب الأصالة والمعاصرة بتازة ليس مجرد سباق على التزكيات بقدر ما هو مرآة تعكس عمق التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية في تدبير الديمقراطية الداخلية. فالحزب اليوم أمام مفترق طرق: إما أن ينتصر لاختيارات القواعد المحلية ويعزز ثقافة الاعتراف بالمسار النضالي لأبنائه، أو أن يكرر سيناريوهات “الترشيحات المفروضة من المركز” والتي غالبًا ما تفضي إلى تفكك الصف الداخلي وخسارة جزء من القاعدة الانتخابية.

رغم تعدد الأسماء وتضارب الترشيحات، تبقى حظوظ عبد الواحد المسعودي الأقوى، لكن المشهد لم يُحسم بعد، فالأيام القادمة وحدها كفيلة بتأكيد هذا الطرح أو قلب الموازين. فهل سيتمكن الحزب من تدبير هذا التنافس بشكل يضمن وحدته التنظيمية ويعزز موقعه الانتخابي؟ أم أن الصراع سيعمق الشرخ الداخلي ويعيد رسم الخريطة الحزبية في الإقليم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى