الثقافية
تخليداً لليوم الوطني للمقاومة.. نادي متطوع تازة ينظم يوماً دراسياً وطنياً حول مسار الاستقلال والوحدة الترابية

أيمن بوجميد
في إطار تخليد اليوم الوطني للمقاومة، وفي سياق استحضار روح النضال الوطني العميقة في الوجدان الجمعي المغربي، احتضنت قاعة الندوات بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بتازة العليا، يوم الإثنين 23 يونيو 2025، يوماً دراسياً وطنياً مميزاً تحت عنوان: “من ملامح الاستقلال إلى استكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية”.
وقد نظم هذا اللقاء العلمي الهام بمبادرة من مؤسسة نادي متطوع تازة، بشراكة مع النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بتازة، حيث اعتُبر هذا اليوم محطة تربوية وعلمية نموذجية من حيث التنظيم والمضمون والتفاعل والحضور.
افتتحت فعاليات اليوم الدراسي بكلمة ألقاها السيد أيمن بوجميد، رئيس مؤسسة نادي متطوع تازة، أكد من خلالها على أهمية ترسيخ الذاكرة التاريخية الوطنية في وجدان الأجيال الصاعدة، مشدداً على أن هذا اللقاء ليس فقط لحظة احتفاء رمزية، بل هو خطوة عملية في سبيل تفعيل أدوار المجتمع المدني في صيانة الإرث الوطني وتثمين رموزه.
ومن جانبه، ألقى السيد عمر الصديقي، النائب الإقليمي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بتازة، كلمة أبرز فيها دعم المندوبية لمبادرات المجتمع المدني الجادة، مشيداً بالدور الفعال الذي يقوم به نادي متطوع تازة في ترسيخ ثقافة الوفاء لرجال المقاومة عبر التأطير العلمي والعمل الميداني المستمر.
وقد أدار الأستاذ سفيان الهيسوفي، عضو المكتب التنفيذي لنادي متطوع تازة وطالب باحث في شعبة التاريخ والحضارة، الجلسة العلمية بكفاءة، حيث قدم أرضية علمية جامعة أطر من خلالها مداخلات نخبة من الأساتذة الباحثين.
استُهلت الجلسة بمداخلة الدكتورة حسنة مازي التي سلطت الضوء على نماذج مشرقة من أعلام المقاومة المغربية ضد الاستعمار، تلتها مداخلة الدكتور أحمد الأديب، قيم فضاء الذاكرة التاريخية بتازة العليا، الذي قدم قراءة موثقة لدور الحركة الوطنية في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الاستقلال. واختتم الدكتور سمير الوردي هذا المحور بمداخلة تحليلية بعنوان: “الاستقلال الأمثل للمجال الجغرافي في الكفاح الوطني”، والتي ركز فيها على دور استثمار المجال الترابي كآلية نضالية ومدخل للوحدة الوطنية.
وقد شهدت الندوة تفاعلاً غنياً ومسؤولاً من قبل الحضور، خاصة من طرف الطلبة والمهتمين الذين عبروا عن تقديرهم لمستوى النقاش وعمق المداخلات. كما أضفى النقاش المفتوح طابعاً حيوياً على الندوة، مما كرس مبدأ التفاعل البناء بين الباحثين والجمهور.
وفي ختام الجلسة العلمية، عُقد لقاء تواصلي مغلق بين أطر نادي متطوع تازة وممثلي المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالإقليم، حيث تم تدارس آفاق التعاون المؤسساتي وفرص تطوير مشاريع مستقبلية تعزز التربية على التاريخ والمواطنة والانفتاح على الشراكات النوعية بما يضمن استدامة الأثر وتأطير العمل المدني في رؤية استراتيجية بعيدة المدى.
وقد تميز اليوم الدراسي أيضاً بتنظيم زيارة علمية لفضاء تازة المشور (متحف تازة العليا) بدعوة كريمة من الدكتورة حسنة مازي، حيث أتيحت للمشاركين فرصة الاطلاع على المحفوظات والمصادر الأصلية التي تؤرخ لفصول مفصلية من تاريخ المقاومة المغربية، ما أضفى بعداً تطبيقياً ملموساً على مضامين الندوة.
كما حظيت هذه التظاهرة بمتابعة إعلامية وازنة من طرف عدد من المنابر الصحفية المحلية التي واكبت أشغال الندوة بتفاصيلها، مما ساهم في توثيق الحدث وتعزيز إشعاعه.
لقد مثل هذا اليوم الدراسي الوطني نموذجاً ناجحاً للمبادرات المدنية الهادفة التي تؤمن بدور الشباب المغربي في صيانة الذاكرة الوطنية وتثمينها. كما أكد مرة أخرى أن الشباب حين يُمنح فضاءً للإبداع والعطاء، يكون قادراً على صياغة فعل مدني فاعل ومسؤول.
نادي متطوع تازة يواصل بثبات خطواته نحو ترسيخ الوعي التاريخي وتجديد الارتباط الوطني بالأمجاد النضالية، في مسار واعد من العمل الجاد والمثمر.