الثقافية

الدورة السادسة من موسم الزهر بتازة، ندوة علمية بمدينة تازة تُبرز دور المجتمع المدني في صون الهوية الحضرية

احتضنت مدينة تازة، في إطار فعاليات النسخة السادسة لموسم تقطير ماء الزهر، الجمعة 2 ماي 2025، ندوة علمية متميزة نظمتها جمعية “دار السماع” تحت عنوان: “دور المجتمع المدني في الحفاظ على الهوية الحضرية للمدن”. وقد عرفت الندوة مشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين والمتخصصين، الذين أثروا النقاش حول سبل صون التراث الثقافي وتثمين الموروث الحضري في سياق التحولات الراهنة.

وتمحورت أشغال الندوة التي تأتي في إطار فعاليات النسخة السادسة لموسم تقطير ماء الزهر والذي انطلقت فعالياته الخميس الماضي 1 ماي 2025 بمدينة تازة، في تظاهرة ثقافية تراثية تنظمها جمعية “دار السماع” بشراكة مع عمالة إقليم تازة، وبدعم من جماعة تازة، والمجلس الإقليمي، والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة والاتصال بجهة فاس-مكناس، إلى جانب جمعية أجيال تازة والكلية متعددة التخصصات بالمدينة، حول مجموعة من المواضيع ذات الصلة، أطرها كل من الدكاترة، فؤاد فرحاوي، عبد المالك النصيري، رشيد البوزيدي، عبد السلام النويكة، عبد الواحد المهداوي، وتسيير عربي الخصاصي.

من أبرز المواضيع التي عالجها المتدخلين، الإطار القانوني الدولي لحماية التراث الثقافي، حيث قدمت مداخلات وازنة تناولت الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المنظمة لهذا المجال، وناقشت أدوارها في حماية الهوية الثقافية للشعوب وتعزيز استدامة التراث الحضاري.

وفي سياق الحديث عن الخصوصيات المحلية، استعرض المتدخلون ملامح الهوية المتفردة لمدينة تازة، باعتبارها مدينة عريقة تحتضن في ثناياها روافد تاريخية وثقافية وجغرافية غنية. وقد أجمع المشاركون على أن تازة تمثل نموذجًا متوازنًا بين الأصالة والانفتاح، ما يمنحها طابعًا حضريًا مميزًا يستوجب المزيد من الحماية والتثمين.

وفي تصريح لجريدة تازاسيتي، افاد الدكتور عبد الواحد المهداوي، إطار بالوكالة الحضرية لتازة تاونات، ان مداخلته تركزت حول مشروع القانون الجديد المتعلق بحماية التراث المغربي، والذي يخضع حاليا للدراسة في إطار المسطرة التشريعية، ويهدف إلى مراجعة وتحيين القانون رقم 22-80 الصادر سنة 1980. وأكد المهداوي أنّ المشروع الجديد يُدرج في صلب اهتماماته الحفاظ على التراث غير المادي، لا سيما ذلك المرتبط بموسم تقطير ماء الزهر، الذي يعد مكوّنا أصيلًا من هوية المدينة، مشددا على أهمية الإطار القانوني الجديد في دعم جهود التنمية المحلية عبر تثمين التراث.

من جهته، أبرز الأستاذ أحمد السليماني، رئيس جمعية دار السماع بتازة، أن تنظيم هذا اللقاء العلمي يأتي انسجاما مع الشعار الرسمي للدورة السادسة للموسم، الذي انطلق يوم الخميس 1 ماي 2025، واستلهم روحه من الخطاب الملكي السامي لسنة 2015، الذي دعا فيه جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى العناية بالتراث المادي واللامادي للمملكة. وأضاف أن اختيار موضوع الهوية الحضرية نابع من قناعة الجمعية بأن الأمكنة تحتضن في ذاكرتها تراكماً من الوقائع والمعارف والرموز الاجتماعية والثقافية التي تُعد رافعة أساسية لتعزيز انتماء الأفراد وتماسك المجتمعات.

وقد شددت خلاصات الندوة على الأدوار الحيوية التي يضطلع بها المجتمع المدني في الدفاع عن الهوية الحضرية للمدن، من خلال المرافعة، والتحسيس، والمشاركة في صياغة وتنفيذ السياسات الثقافية والتنموية، داعية إلى توسيع الشراكات بين مختلف الفاعلين لترسيخ ثقافة الحفاظ على التراث في وجدان الأجيال الصاعدة.

تجدر الإشارة إلى أن موسم تقطير ماء الزهر بدورته السادسة، الذي يتواصل إلى غاية الثالث من ماي الجاري، يعد تظاهرة ثقافية وتراثية بامتياز، تهدف إلى إعادة الاعتبار لتقاليد متجذرة في الذاكرة التازية، حيث دأبت الأسر منذ قرون على استقبال فصل الربيع بطقوس تقطير الزهر، في مشهد تعبق فيه الروائح بعبق التاريخ وتحكي فيه الأزقة حكايات مدينة لا تزال تحافظ على وهجها الحضري الفريد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى