في قلب جماعة بوحلو، إحدى المناطق التابعة لدائرة وادي أمليل بإقليم تازة، يقف المركز الصحي الوحيد كصورة حزينة لواقع صحي متدهور، تحول فيه ما يجب أن يكون فضاء للتطبيب والاستشفاء إلى عنوان يومي للخذلان.
المبنى المتهالك، بطلائه المتقشر وتجهيزاته البسيطة، يختزل معاناة ساكنة تعيش على أمل أن تجد من يصغي لآلامها، ويستجيب لأبسط حقوقها في العلاج. غير أن الواقع هنا مختلف، فالأبواب كثيرا ما تكون موصدة، والأطر الطبية قليلة أو غائبة، والدواء عملة نادرة.
من شهادات ساكنة المنطقة على مواقع التواصل الاجتماعي: “نصل قبل طلوع الفجر، ونغادر بعد الظهيرة بخيبة جديدة… لا طبيب ولا دواء، فقط الانتظار”، هكذا تحكي امرأة مسنة تعاني من مرض مزمن، وهي جالسة على كرسي مهترئ أمام باب المركز. حكايتها ليست استثناء، بل جزء من مشهد يتكرر يوميا، ويعكس اختلالا عميقا في المنظومة الصحية المحلية.
المركز يعاني من خصاص كبير في الموارد البشرية والمعدات الطبية، فيما تفتقر قاعة الانتظار لأدنى شروط الراحة والتهوية، لتتحول تجربة زيارة الطبيب إلى محنة حقيقية. السكان، الذين ضاقوا ذرعا بالوعود المتكررة، لا يطالبون بالمستحيل، بل فقط بخدمة صحية تحفظ كرامتهم وتخفف عنهم معاناة الطريق إلى المستشفيات البعيدة.
الجهات الوصية زارت المركز أكثر من مرة، لكن دون أن تترجم تلك الزيارات إلى حلول ملموسة. فالتقارير تكتب، والصور تلتقط، لكن الوضع يبقى كما هو، إن لم يكن أسوأ.
ما يحدث في بوحلو يسلط الضوء على سؤال أكبر: إلى متى سيبقى الحق في الصحة مجرد شعار؟ وأين هو دور الدولة في تحقيق العدالة الصحة وضمان تكافؤ الفرص بين سكان القرى والحواضر؟
اليوم، لم يعد صوت ساكنة بوحلو خافتا. هو صرخة جماعية تطالب بمركز صحي لائق، يراعي كرامة الإنسان، ويؤدي رسالته الأساسية: تقديم العلاج لا خلق المعاناة.