ليلة النصف من رمضان في تازة: روحانية وعادات أصيلة

تُعدّ ليلة النصف من رمضان في المغرب عامة، ومدينة تازة خاصة، مناسبة دينية واجتماعية بارزة، تحيي خلالها الأسر تقاليد وعادات عريقة تعكس الطابع الروحي والاحتفالي لهذا الشهر الفضيل.

تحرص الأسر التازية على تكثيف الزيارات العائلية بعد صلاة التراويح، حيث يُعدّ هذا التقليد السنوي فرصة لتعزيز روابط القربى والمودة بين الأهل والجيران. كما تفضل العديد من العائلات إقامة موائد إفطار جماعية، في مشهد يجسد قيم الكرم والتآزر التي يتميز بها المجتمع المغربي.

وتُعتبر هذه المناسبة فرصة لإعداد أطباق شعبية متوارثة، حيث تؤكد الحاجة مينة، ربة أسرة من تازة، أن الأسر تحافظ على طهي مأكولات خاصة بهذه الليلة، من أبرزها الكسكس بالبصل المُكرمل (تفاية)، إلى جانب أطباق أخرى تعكس الموروث الغذائي العريق للمنطقة.

ولا تقتصر أجواء ليلة النصف من رمضان على الجانب الاجتماعي فحسب، بل تمتد إلى لحظات روحانية يجتمع فيها أفراد العائلة لتلاوة القرآن الكريم بشكل جماعي وإنشاد الأمداح النبوية، مما يضفي على الأجواء طابعًا دينيًا خاصًا. ويحرص الرجال على ارتداء الجلابة المغربية مع الطربوش الأحمر والخُف التقليدي (البلغة)، بينما تختار النساء الجلابة النسائية مع القميص التقليدي، في انعكاس واضح لتمسك المغاربة بزيّهم التراثي.

وتأخذ الاحتفالات في القرى والمناطق الريفية بُعدًا أكثر روحانية، حيث تتجمع الأسر في المساجد لإحياء أمسيات صوفية تشمل الصلاة جماعة وتلاوة الأذكار، في مشهد يجسد عمق القيم الدينية والاجتماعية التي تميز هذا الشهر الفضيل.

وفي المدن، تتراجع حركة المقاهي في هذه الليلة، حيث يفضل العديد من الأشخاص البقاء مع أسرهم، احترامًا لقدسية هذه المناسبة واستحضارًا لقيمتها الدينية.

ومع انتهاء ليلة النصف، تبدأ الأسر التازية، كسائر الأسر المغربية، في الاستعداد لاستقبال ليلة القدر، وسط أجواء روحانية مفعمة بالعبادة، حيث تحرص العائلات على إحياء طقوس وعادات متوارثة، تعكس تعلق المغاربة بالمعاملات الطيبة والتقاليد الإسلامية العريقة.

تبقى ليلة النصف من رمضان في تازة لحظة سنوية ينتظرها الجميع بشوق، إذ تجمع بين الأجواء الروحية والتقاليد الاجتماعية المتوارثة، في مزيج فريد يعكس جوهر الثقافة المغربية الأصيلة.