المحلية

بصمات لا تنسى… “العميد المختار حنون… اسم على مسمى”

ترجل من صهوة الحياة حديثا تاركا أريج عطر أخلاقه وحسن سلوكه بين زملائه وأصدقاء وعموم من عرفه

المختار حنون مسؤول أمني وإنسان يشهد كل من عرفه على دماثة أخلاقه وطيبوبته ومهنيته وتفانيه في عمله. اسمه دال على حنانه وإنسانيته بصمها طيلة عقود منذ ولج سلك الشرطة وبمدن اشتغل بها إلى أن وافته المنية نهاية الأسبوع الماضي إثر سكتة قلبية مفاجأة أبعدته عن زملائه وأصدقائه وأفراد عائلته، جسدا لا روحا واسما ما زالا راسخين في أفئدتهم كما حبه، ولو جرحت لفقدانه المفاجئ في أوج عطائه وحاجتهم الماسة إليه مسؤولا حنونا.

تشهد مدن وجدة والحسيمة وفاس وتازة وتاوريرت، على حسن خصال مسؤول أمني كان صديق كل زملائه مهما اختلفت رتبهم في سلم الوظيفة والمسؤولية، كما معارفه وما جايلوه إنسانا مفعم قلبه وسلوكه ببذور الحنان نثرها أينما حل ومع من التقى وعاشر، ممن بكوا وانتحبوا لرحيله المفاجئ، ليكون بذلك “اسما على مسمى”.

خصال رجل

كثير من زملائه ومعارفه غالبتهم الدموع، وهم يشيعونه الأحد في مقبرة بمسقط رأسه ببلدة عين الحناش بجماعة عين الشكاك بصفرو، مستحضرين صورا مشرقة في مساره كإنسان ومهنيا منذ بدأ مسيرته بولاية أمن وجدة قبل أن ينتقل للعمل بأمن الحسيمة، ومنه إلى ولاية أمن فاس الشاهدة ومن جايله على حسن خصال “الحنون المختار”.

ما راكمه من تجربة وما بصم عليه من تضحيات وتفان في العمل بالمدن الثلاث، جعل الإدارة العامة للأمن ترقيه وتعينه عميدا مركزيا بالأمن الجهوي لتازة فرئيسا له، قبل تكليفه بمهمة رئيس المنطقة الإقليمية للأمن بتاوريرت آخر محطة في مساره المهني قبل وفاته بعد سنة ونصف قضاها على رأسها مثبتا حسن سمعته وتعامله مع الجميع.

بأي مدينة حل وارتحل، اشتغل في صمت وخارج دائرة الأضواء. لم يتخاذل في محاربة الجريمة بأنواعها واستئصال أورامها وتجفيف منابعها في مسيرة أبان فيها عن حنكة أمني وحنان إنسان سلاحه في علاقته بالناس، تواضع وحوار وتواصل ذوب هوة بين المواطن والجهاز، سيما بتازة حيث تزامن اشتغاله مع تنامي احتجاجات اجتماعية.

أخلاق واستماتة

“لم يثبت يوما أني سمعت منه كلاما يسيء للمواطن. سجلت عليه صبرا واستماتة في العمل بأخطر فترة مرت بها تازة مع أحداثها المؤلمة وكان له دور كبير في تهدئة الأوضاع” يكتب عنه الإعلامي عبد الحق خرباش، مضيفا “ليس هذا تملقا، بل معاشرة واحتراما يليقان برجل أمن اسمه حنون عرفته في حقبة الداكي وعبد الإله السعيد”.

“استحوذت على قلوب من عرفك بالوسط المهني وخارجه. وأحبك الكل بعدما ولجت باب المحبة بمفتاح سري لا يشبه المفاتيح. مفتاح القيم الإنسانية الرفيعة والأخلاق. إنها سلطة الفضيلة والخير تشبعت بها في حياتك، كما محبة واحترام وتقدير البشر بمختلف أنواعهم ومراتبهم” يكتب عنه صديقه عميد الشرطة الممتاز محمد الصغيور.

وأكد شهادة منشورة، اتصافه بصفات نابعة من ذاته وشخصيته البسيطة والمتواضعة، المليئة بمبادئ جوهرية طافحة بالمعنى الإنساني، مثل واقع حال بلدته ومسقط رأسه، الناطق بالبساطة والحابل بمعاني حياة إنسانية أصيلة ومتأصلة، اصطبغت “رجلا مثاليا من طينتك، بصفات جوهرية صنعت بها ذاتك وطفحت خارجها” يخاطب روحه.

خصال وطيبة

خصاله وحسن تربيته ودماثة أخلاقه، زرعها بين زملائه وفي علاقته بهم وبمحيطه وعموم الناس، لتتثبت بإحكام في كل عقول وانطباعات من عرفه، قبل أن يترجل من صهوة حياة أعطى فيها الكثير من وقته وصحته وراحته لأجل إسعاد الناس وتأمين حياتهم، لكنه سينام مطمئنا بعد أن أخلص في حياته في أداء الواجب المهني والإنساني.

“عائلتك وكل من عرفك يحبك، سيظل حضورك شامخا في القلب والذاكرة حيا وميتا” يكتب عنه صديقه محمد الصغيور، مخاطبا روحه ب”وداعا رئيسنا وأبانا، لن ننساك ما حيينا حتى نلحقك، لروحك المغفرة ولأسرتك ومحيطك الصبر والسلوان”، مثنيا على ما عرف عنه من اعتناق وتشبع بالإنسانية وتفانيه في عمله بعيدا عن الأضواء.

في شخص المختار حنون اجتمع ما تفرق في غيره من شيم وأخلاق، عاش بها وتذوق لذة الإنسانية المفقودة في زمن العبث والفوضى الشاملة والذوق السيء السائع في زمن الرداءة، ف”مهما قلنا في حقك من حميد الخصال وطيبة النفس وصفاء القلب وتواضع الشخصية، لن نوفيك ما تستحقه” يكتب عنه الدكتور محمد الصغيور.

حميد الأبيض (فاس) عن جريدة الصباح الصادرة يومه السبت والأحد 25 -26 يناير 2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى