الثقافية
“الكلية متعددة التخصصات بتازة تحتضن الندوة الوطنية الثالثة لطلبة الدكتوراه حول “التعقيد والتقعيد في اللغة والأدب والترجمة”

تازة – افتتحت أمس الثلاثاء 24 دجنبر 2024، بالكلية متعددة التخصصات بتازة، فعاليات الندوة الوطنية الثالثة لطلبة الدكتوراه، التي ينظمها مختبر اللغة والأدب والترجمة تحت عنوان: “التعقيد والتقعيد في اللغة والأدب والترجمة: قضايا وإشكالات”.
شهدت الجلسة الافتتاحية كلمات ترحيبية لكل من عميد الكلية بالنيابة، ومدير مختبر اللغة والأدب والترجمة، بالإضافة إلى اللجنة المنظمة، حيث أشادوا بأهمية هذه المبادرة العلمية التي تجمع طلبة وباحثين من مختلف التخصصات لمناقشة موضوعات تجمع بين التعقيد في الظواهر اللغوية والأدبية ومسألة تقعيدها ضمن أطر علمية.
تناولت الندوة في جلستها العلمية الأولى مفهوم التعقيد كما طرحه المفكر إدغار موران، الذي وصف التعقيد بأنه نسيج من العلاقات المتداخلة وغير المتجانسة، مما يجعله أكثر من مجرد إشكالية معرفية؛ بل هو توصيف شامل للعالم. التعقيد، وفق موران، لا يعني حلاً، بل يشكل تحديًا مستمرًا بسبب تداخل الوقائع والأفعال والتفاعلات التي تصعب من فهم الظواهر بمعزل عن بعضها البعض.
إلا أن النظرة السائدة للتعقيد، كما أشار المتدخلون، ترتبط غالبًا بالفوضى والغموض والإعاقة، وهو ما دفع المعرفة الإنسانية إلى محاولة السيطرة على هذا التعقيد من خلال تنظيم الظواهر وتقعيدها في أطر وقوانين محكمة.
ناقشت المداخلات العلاقة بين التعقيد والتقعيد، حيث أوضح الباحثون أن تقعيد الظواهر يعتمد على صياغة قواعد وضوابط تسعى إلى إحكام النظام والحد من تأثير الفوضى والغموض. يتجلى ذلك بوضوح في مجالات متعددة مثل القواعد الفقهية، والنحوية، والشعرية، التي تسعى إلى ضبط الاستثناءات والهامشيات لتحقيق نظام متجانس ومنسجم.
غير أن هذا المسعى، على أهميته، قد يؤدي إلى إغفال العناصر “المشوشة” مثل الصدفة والغموض، مما يولد “عمى معرفياً” يحجب جوانب أساسية من الظاهرة المدروسة.
تتواصل فعاليات الندوة يوم غد الأربعاء، حيث ستُقدم مجموعة من المداخلات التي تركز على الإشكالات المرتبطة بمحاولات تقعيد الظواهر الأدبية واللغوية وتأثير ذلك على فهم أبعادها التعقيدية.
هذه الندوة تشكل مناسبة علمية متميزة لتعميق النقاش حول علاقة التعقيد بالتقعيد، من خلال رؤى إبستمولوجية متعددة، تسعى إلى فهم الظواهر اللغوية والأدبية من زوايا جديدة ومبتكرة.