الثقافية

تازة، نجاح النسخة الثانية للمهرجان الوطني للموسيقى وفنون العرض

في إطار الذكرى التاسعة والأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء، نظّم منتدى زرياب للموسيقى والفنون بمدينة تازة الدورة الثانية من “المهرجان الوطني للموسيقى وفنون العرض” بدعم من وزارة الثقافة المغربية. وانعقدت فعاليات المهرجان يومي 5 و6 نوفمبر 2024 تحت شعار “الصحراء المغربية من التدبير إلى التغيير”، حيث تخللته سلسلة من الأنشطة الفنية والثقافية التي لاقت إقبالًا واسعًا وتفاعلًا كبيرًا من الجمهور المحلي.

لم يقتصر المهرجان على تقديم عروض فنية فقط، بل حرص على توجيه أنشطة مخصصة لفائدة مؤسسات اجتماعية تُعنى بتقديم خدمات للمجتمع المدني في تازة. ومن بين هذه المؤسسات كانت جمعية النور لرعاية الطفل والمرأة وجمعية التضامن للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث شهد اليوم الأول من المهرجان، أنشطة موجهة لدعم الأطفال والأسر المحتاجة، مما أضفى بُعدًا إنسانيًا ووطنيًا على الحدث. وقد جاء هذا التوجه ليؤكد الدور الاجتماعي والفني الذي يسعى منتدى زرياب لتحقيقه في المجتمع.

وتميز اليوم الختامي بتنظيم الأمسية الموسيقية للمهرجان بمشاركة مجموعة من الأصوات المحلية الواعدة التي أبدعت في تقديم ألوان موسيقية متنوعة. وقد تألقت أسماء مثل الفنان منصف العماري، نجيب مالي، يحيى العزوزي، أنور الهرمي، وصال النعيم، رضا غانم، وعبد السلام الصافي، الذين قدموا عروضًا أثارت إعجاب الحاضرين وأظهرت مهاراتهم وتفانيهم في إحياء الفنون الموسيقية التراثية والمعاصرة على حد سواء.

كما تميزت الدورة الثانية بمشاركة شرفية للفنان الفرنسي باسكال البيروا، المولود بمدينة تازة، الذي عبّر عن مشاعره تجاه المدينة التي شهدت ولادته، بقوله “تازة في القلب”. وفي لفتة تضامنية، أبدى البيروا تأييده للوحدة الترابية للمغرب قائلاً: “الصحراء مغربية”، في إشارة إلى دعمه لسيادة المغرب على صحرائه.

وفي تصريح لتازاسيتي، أعرب الفنان عز الدين الزاهر، رئيس منتدى زرياب ومدير المهرجان، عن سعادته بنجاح الدورة الثانية، مشيرًا إلى أن هذا النجاح لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة عمل متواصل وتخطيط محكم وتنظيم دقيق. وذكر الزاهر أن التحضير للبرمجة الفنية للسهرة الختامية جرى بعناية لتلبية أذواق متنوعة للجمهور وإبراز تنوع الموسيقى المغربية بمختلف ألوانها.

وأضاف أن النسخة الثانية من المهرجان تميزت بلحظة تكريمية خاصة للفنان القدير الحاج نور الدين العماري، الذي يُعد من أبرز قيدومي الفن الموسيقي التراثي في فن الملحون والأغنية الشعبية المغربية. وقد لقيت هذه المبادرة الترحيب والتقدير، خاصة أنها جاءت بمبادرة من أبناء مدينته، مما أضفى لمسة وفاء وتقدير لمسيرته الفنية التي بدأها منذ سبعينيات القرن الماضي.

وفي كلمته بهذه المناسبة، عبّر الحاج نور الدين العماري عن فخره واعتزازه بهذا الاحتفاء الذي يرى فيه امتنانًا لمساهمته في الحفاظ على تراث الملحون والأغنية الشعبية المغربية. وأشار إلى أن هذا التكريم يحمل دلالات كبيرة له، منها التقدير لمشواره الفني وكذلك ارتباطه بذكرى وطنية غالية، إذ كان أحد المشاركين في المسيرة الخضراء.

من جانبه، أشاد منير الحجوجي، المدير الإقليمي لوزارة الثقافة والاتصال – قطاع الثقافة، بأهمية هذه الدورة من المهرجان، معتبرًا أنها تأتي في سياق احتفالات الشعب المغربي بذكرى المسيرة الخضراء، مشيرًا إلى أن المهرجان يسهم في دعم المواهب الشابة ويعزز الهوية الوطنية من خلال الفنون. وأكد الحجوجي أن الوزارة ستواصل دعم مثل هذه المبادرات التي تساهم في الحفاظ على التراث الثقافي وتعزز انتماء الأجيال الجديدة له.

اختتمت فعاليات المهرجان بأجواء حماسية ووطنية، حيث تفاعل الجمهور مع العروض الموسيقية وتمايل على إيقاع الأنغام الوطنية، مستحضرين ذكرى المسيرة الخضراء، هذا الحدث التاريخي الذي وحّد المغاربة في مسيرة سلمية لاسترجاع أراضيهم في الصحراء المغربية.

لا شك أن “المهرجان الوطني للموسيقى وفنون العرض” في دورته الثانية قد ترك بصمة مؤثرة في قلوب سكان تازة وزوارها، جامعًا بين الثقافة والفن والانتماء الوطني في آن واحد، ومؤكدًا أن الفن يمكن أن يكون جسرًا للانتماء والتلاحم بين الأجيال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى